رومان فتّان القبور
ورد في الدعاء الثالث من أدعية الصحيفة السجاديّة للإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) بعد تحميد الله تعالى والثناء عليه ، والصلاة على سيّد المرسلين(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله(عليهم السلام) وحملة العرش وجملة من الملائكة الآخرين أنّه قال:
« .. ورومان فتّان القبور »
والذي يظهر من خلال هذا الدعاء أنّ مهمة الملَك « رومان » تتعلق على نحو الإجمال بالحياة البرزخيّة ، وأنّه يقوم بدور متميز في هذه الحياة، ومن خلال اللقاء مع الإنسان في قبره ومثواه الأخير في هذه الدني، إلاّ أنّه لم ترد الإشارة التفصيلية لنوع المهمة التي يمارسها الملَك «رومان » في الدعاء نفسه .
ولكن عند النظر في بعض الأخبار التي تعرّضت لبيان مهامّ الملائكة بالتفصيل ، وطبيعة الأعمال التي تقوم بها بمختلف أنواعها وأصنافها بما في ذلك الملَك « رومان » ، نجد أنّ هناك نوعاً من التفصيل في توضيح الدور الذي يمارسه هذا الملَك في قبر الإنسان بعد الموت . وتتلخص وظيفته بأنّه يأمر الإنسان بكتابة أعماله صغيرها وكبيرها ، حسنها وسيئها ، ويُسطِّر ذلك في كتاب خاص ، ثمّ يُختم ويُطوى ويُعلّق في عنقِ الإنسان ، ليُخرج إليه يوم القيامة .
كما أنّ الظاهر أنّ هذا الملَك هو أول من يدخل على الإنسان في قبره ويقوم بعملية الاستجواب المقررة مع الميت قبل أنْ ينزل عليه الملَكان المقرَّبان منكر ونكير أو مبشِّر وبشير .
فقد ورد عن عبد الله بن سلام قال :
سألت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن أول ملَك يدخل في القبر على الميت قبل منكر ونكير .
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : يا بن سلام ! يدخل على الميتِ مَلَك قبل أَن يدخل منكر ونكير ، يتلألأ وجهه كالشمس ، اسمه « رومان » يدخل على الميت ثم يُقعِده فيقول له :
أُكتب ما عملتَ من حسنة ومن سيئة .
فيقول له : بأَيِّ شيء أَكتب ؟ أَين قلمي ؟ وأَين دواتي ؟ وأَين مدادي ؟
فيقول له : ريقُك مدادٌ ، وقلمُكَ إصبعُك !
فيقول : وعلى أيِّ شيء أَكتب ، وليس معي صحيفة ؟ قال : فيقطع كفنه فيناوله ، فيقول : هذا صحيفتك ، فاكتب ما عملت في الدنيا خيراً وشرّاً ، فإذا بلغ سيئةً يستحي منه فيقول له الملَك :
يا خاطئ ! أَما تستحي من خالقِك حيث عملتها في الدنيا ، وتستحي منّي الآن ؟!
فيرفع الملَك العمود فيضربه .
فيقول العبد :
ارفع عني حتى أَكتبها !
فيكتب فيها جميع حسناته وسيئاته ، ثم يأمره أَنْ يطويه ويختمه، فيطويه فيقول : بأيِّ شيء أختمه ؟ ليس معي خاتم ! فيقول: اختمه بظفرك .
ويعلِّقه في عنقه إلى يوم القيامة . كما قال تعالى :
( وَكُلَّ إِنسان أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ في عُنقهِ .. )