وُلد الإمام الباقر ( عليه السلام ) في الأول من شهر رجب المبارك ، في سنة ( 57 هـ ) ، وتَلَقَّفَهُ أهل البيت ( عليهم السلام ) بالتقبيل والسرور ، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بَشَّر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منذ عشرات السنين .
وابتهج الإمام السجاد ( عليه السلام ) بهذا الوليد المبارك ، الذي بَشَّر به جدّه الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، وأعلن غير مَرَّة أنه وارث علوم آل محمد ( عليهم السلام ) .
والذي من مزاياه أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأسرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
فهو أول هاشمي علوي ، يولد من جهة الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، لأن أباه علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، وأمُّه فاطمة بنت الحسن .
فكان الإمام الباقر ( عليه السلام ) ملتقى الكرامات ، وآصرة علوية ، أثلج بولادته قلوب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فما أكرمه وما أعظمه ( عليه السلام ) .
وتلقَّاه الإمام السجاد ( عليه السلام ) بالآداب ، والسنن الإسلامية ، كما فعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
وقد صُنع الإمام الباقر ( عليه السلام ) على عين الرسالة الإلهيَّة ، من خلال الجو الذي وفَّره له والده الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، لينهض بأعباء الإمامة الشرعية ، طِبقاً لما رسم الله تعالى لعباده في الأرض .
ومن هنا فإن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد بلغ الذروة في السمو ، نسباً ، وفكراً ، وخُلُقاً ، مما مَنَحهُ أهليَّة النهوض بأعباء المرجعيَّة الفكريَّة والاجتماعية للأمّة بعد أبيه ( عليه السلام ) .
ويبدوا أن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد استأثر جدُّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأمر تحديد اسمه ولقبه ، كما في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، حيث يقول :
قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يوشك أن تبقى حتى تلقى وَلداً لي من الحسين يقال له محمد ، يبقر علم الدين بَقْراً ، فاذا لقيتَه ، فأقرِئْه مِنِّي السلام ) .
وبناءً على ذلك لُقِّب محمد بن علي ( عليه السلام ) بـ( الباقر ) ، أي المتبحر بالعلم ، والمستخرج لغوامضه ولبابه وأسراره ، والمحيط بفنونه ، وهذا المعنى تشير إليه معاجم اللغة العربية المعتبرة ، ومن شاء فليراجع .